عالم الوظيفة

2255 مشاهدة

شغلنا الاهتمام بالعاطلين عن الاهتمام بالموظفين! فما عادت البيانات الصحفية ولا الأحاديث في المجالس العامة والخاصة تدور إلا عن سعودة الوظائف وتوفيرها للباحثين عنها، بينما ما يهم الموظفين القدامى من شؤون وشجون بات في حكم الغيب وتوارى نسيا منسيا وكأننا نقول بملء الأفواه للموظفين العاملين الكادحين.. يكفيكم الحصول على وظيفة وإياكم والحديث عن شجونكم وشؤونكم ومتاعبكم فيها أو التساؤل عن الأمان الوظيفي من خلالها! لقد أخذنا الالتفات نحو الجدد المتكدسين بالطوابير الطويلة بحثا عن باب رزق ولقمة عيش عن الالتفات نحو القدامى الجالسين على كرسي الوظيفة في حالة “تجمد” وظيفي ولا أعني به توقف الترقيات والعلاوات والبدلات! إنما أعني التجمد عن الحركة للقيام بجهود جديدة تعطي انتاجا أكبر وآفاقا أوسع للصالح العام!!
فالموظف المهموم بمتاعب تثقل كاهله وتحول دون ابداعه في عمله، والمهموم بمخاوف مما سوف يقع عليه من جزاءات أو عقوبات أو حتى احباطات فيما لو تقدم وبادر مبادرات غير منصوص عليها في العمل اليومي لا يمكن أن يكون موظفا خلاقا.. ولا يمكن ان يحتفظ بقدرته على الابتسام طوال وقت عمله! لذا يعاني المراجعون من تكشيرة بعض الموظفين الجالسين على كراسيهم يصرخون ويماطلون ويتأففون! وما لا ينتبه إليه المديرون المباشرون أن الخوف عدو الإنتاجية.. والضيق والشعور بالاحباط وعدم التمييز بين جهد وجهد أعداء البيئة الوظيفية النظيفة! بالاضافة الى أن معظم الموظفين الذين يكتفون بالتوقيع عند الحضور والانصراف لا يجدون “أمانا” كافيا طالما أنهم في قرارة أنفسهم يعملون ولا يعلمون ماذا يحاك ضدهم عند ادارة شؤون الموظفين وما هو موقفها منهم!
البيئة الوظيفية التي يغطيها الغموض وتسيطر عليها الضبابية.. بيئة طاردة للكفاءة البشرية وجالبة لكل النتائج الوخيمة التي تجعل مصلحة العمل تحت التهديد! وحين ينتشر بين الموظفين يقين أن الإمضاء بالحضور والانصراف هو الذي يبقي الوظيفة بيدهم وليس مستوى أدائهم الوظيفي وليس انتاجيتهم يصبح الموظف لا يهمه ولا يعنيه إلا توقيعه على كشف الحضور وما عدا ذلك يركله أو يعود الى مزاجه الخاص! والمؤسف في عالم الوظيفة الحكومية أن المجتهد من الموظفين والخامل والعادي كلهم سواسية لا يشعر الموظف المتميز بقيمة تميزه بل ولا ينفعه تميزه!!! بجرة قلم من موظف أصغر منه بشؤون الموظفين ممكن أن تنتهي حياته الوظيفية بالفصل أو العقاب أو طي القيد!
إنها الكارثة التي حلت في عالم الوظيفة الحكومية أن يستطيع فرد بقوة النظام تحويل “موظف” الى (غير موظف لدينا) اذا كان هذا الفرد يملك ان يكون المدير المباشر وهو لا يعرف عن الإدارة شيئا!! آن الأوان كي تنتبه الأجهزة المختلفة الى ادارة مسكوت عنها يقال عنها “شؤون الموظفين”!!


2255 مشاهدة